سورة الكهف - تفسير تفسير النسفي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الكهف)


        


{نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نبَأَهُم بالحق} بالصدق {إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ} جمع فتى والفتوة بذل الندى وكف الأذى وترك الشكوى واجتناب المحارم واستعمال المكارم. وقيل: الفتى من لا يدعي قبل الفعل ولا يزكي نفسه بعد الفعل {ءَامَنُواْ بِرَبّهِمْ وزدناهم هُدًى} يقينا، وكانوا من خواص دقيانوس قد قذف الله في قلوبهم الإيمان وخاف بعضهم بعضاً وقالوا: ليخل اثنان اثنان منا فيظهر كلاهما ما يضمر لصاحبه ففعلوا فحصل اتفاقهم على الإيمان {وَرَبَطْنَا على قُلُوبِهِمْ} وقويناها بالصبر على هجران الأوطان والفرار بالدين إلى بعض الغيران وجسرناهم على القيام بكلمة الحق والتظاهر بالإسلام {إِذْ قَامُواْ} بين يدي الجبار وهو دقيانوس من غير مبالاة به حين عاتبهم على ترك عبادة الأصنام {فَقَالُواْ رَبُّنَا رَبُّ السماوات والأرض} مفتخرين {لَن نَّدْعُوَاْ مِن دُونِهِ إلها} ولئن سميناهم آلهة {لَّقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا} قولاً ذا شطط وهو الإفراط في الظلم والإبعاد فيه من شط يشط ويشط إذا بعد.


{هَؤُلاء} مبتدأ {قَوْمُنَا} عطف بيان {اتخذوا مِن دُونِهِ ءالِهَةً} خبر وهو إخبار في معنى الإنكار {لَّوْلاَ يَأْتُونَ عَلَيْهِم} هلا يأتون على عبادتهم فحذف المضاف {بسلطان بَيّنٍ} بحجة ظاهرة وهو تبكيت لأن الإتيان بالسلطان على عبادة الأوثان محال {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افترى عَلَى الله كَذِبًا} بنسبة الشريك إليه.
{وَإِذِ اعتزلتموهم} خطاب من بعضهم لبعض حين صممت عزيمتهم على الفرار بدينهم {وَمَا يَعْبُدُونَ} نصب عطف على الضمير أي وإذ اعتزلتموهم وإذ اعتزلتم معبوديهم {إِلاَّ الله} استثناء متصل لأنهم كانوا يقرون بالخالق ويشركون معه غيره كأهل مكة، أو منقطع أي وإذ اعتزلتم الكفار والأصنام التي يعبدونها من دون الله، أو هو كلام معترض إخبار من الله تعالى عن الفتية أنهم لم يعبدوا غير الله {فَأْوُواْ إِلَى الكهف} صيروا إليه أو اجعلوا الكهف مأواكم {يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مّن رَّحْمَتِهِ} من رزقه {وَيُهَيّئ لَكُمْ مّنْ أَمْرِكُمْ مّرْفَقًا} {مَرفقاً} مدني وشامي وهو ما يرتفق به أي ينتفع. وإنما قالوا ذلك ثقة بفضل الله وقوة في رجائهم لتوكلهم عليه ونصوع يقينهم، أو أخبرهم به نبي في عصرهم {وَتَرَى الشمس إِذَا طَلَعَت تَّزَاوَرُ} بتخفيت الزاي: كوفي، {تزَّور} شامي، {تزَّاور} غيرهم وأصله تتزاور فخفف بإدغام التاء في الزاي أو حذفها والكل من الزور وهو الميل، ومنه زاره إذا مال إليه، والزور الميل عن الصدق {عَن كَهْفِهِمْ} أي تميل عنه ولا يقع شعاعها عليهم {ذَاتَ اليمين} جهة اليمين وحقيقتها الجهة المسماة باليمين {وَإِذَا غَرَبَت تَّقْرِضُهُمْ} تقطعهم أي تتركهم وتعدل عنهم {ذَاتَ الشمال وَهُمْ فِى فَجْوَةٍ مّنْهُ} في متسع من الكهف. والمعنى أنهم في ظل نهارهم كله لا تصيبهم الشمس في طلوعها ولا غروبها مع أنهم في مكان واسع منفتح معرض لإصابة الشمس لولا أن الله يحجبها عنهم. وقيل: منفسح من غارهم ينالهم فيه روح الهواء وبرد النسيم ولا يحسون كرب الغار {ذلك مِنْ آيات الله} أي ما صنعه الله بهم من إزورار الشمس وقرضها طالعة وغاربة آية من آيات الله يعني أن ما كان في ذلك السمت تصيبه الشمس ولا تصيبهم اختصاصاً لهم بالكرامة. وقيل: باب الكهف شمالي مستقبل لبنات نعش فهم في مقنأة أبداً، ومعنى ذلك من آيات الله أن شأنهم وحديثهم من آيات الله {مَن يَهْدِ الله فَهُوَ المهتد} مثل ما مر في (سبحان) وهو ثناء عليهم بأنهم جاهدوا في الله وأسلموا له وجوههم فأرشدهم إلى نيل تلك الكرامة السنية {وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيّا مُّرْشِدًا} أي من أضله فلا هادي له.


{وَتَحْسَبُهُمْ} بفتح السين: شامي وحمزة وعاصم غير الأعشى، وهو خطاب لكل أحد {أَيْقَاظًا} جمع يقظ {وَهُمْ رُقُودٌ} نيام. قيل: عيونهم مفتحة وهم نيام فيحسبهم الناظر لذلك أيقاظاً {وَنُقَلّبُهُمْ ذَاتَ اليمين وَذَاتَ الشمال} قيل: لهم تقلّبتان في السنة. وقيل: تقلبة واحدة في يوم عاشوراء {وَكَلْبُهُمْ باسط ذِرَاعَيْهِ} حكاية حال ماضية لأن اسم الفاعل لا يعمل إذا كان في معنى المضي {بالوصيد} بالفناء أو بالعتبة {لَوِ اطلعت عَلَيْهِمْ} لو أشرفت عليهم فنظرت إليهم {لَوْلَّيْتَ مِنْهُمْ} لأعرضت عنهم وهربت منهم {فِرَاراً} منصوب على المصدر لأن معنى {وليت منهم} فررت منهم {وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ} ويتشديد اللام: حجازي للمبالغة {رُعْبًا} تمييز. وبضم العين: شامي وعلي، وهو الخوف الذي يرعب الصدر أي يملؤه وذلك لما ألبسهم الله من الهيبة أو لطول أظفارهم وشعورهم وعظم أجرامهم. وعن معاوية أنه غزا الروم فمر بالكهف فقال: أريد أن أدخل فقال ابن عباس رضي الله عنهما: لقد قيل لمن هو خير منك {لوليت منهم فراراً} فدخلت جماعة بأمره فأحرقتهم ريح.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8